الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية مكتملة بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 122 من 214 صفحات

موقع أيام نيوز


فقد فقدت آخر ذرة صبر لديها وأقسمت أنها لن تفلته إلا بإفلات روحها من جسدها فلم تستطيع أن تتحلى بالصبر كما نصحتها شهد بل هاتفته ربما للمرة الألف بعد المائة دون يأس ولكن هو لم يكترث قط حتى أنه لم يجيب على رسائلها الإلكترونية يكون متصل ويراها ولكن لم يأتيها جواب منه للآن مما جعلها في حالة يرثى لها وتكاد تفقد أعصابها لذلك لم تشعر بذاتها إلا وهي تقف أمام عمله وها هو يخرج مع عدة من زملاء له وحين رأها استأذن منهم متسائلا

بتعملي ايه هنا
أجابته بعيون ذابلة
مستنياك...لازم نتكلم يا حمود
ابتلع ريقه ومسد جبهته قائلا
ملوش داعي الكلام يا ميرال
نفت برأسها وقالت بضعف وبنبرة تقطر بحزنها
حمود علشان خاطري اسمعني أنا عارفة اني غلطانة إني خبيت عليك بس كنت مستني ايه من واحدة ضايعة زي...انت معرفتنيش وانا ملاك أنا كنت بغلط و مستهترة وباخد حبوب وبشرب وبسهر متلومنيش انا كنت ضايعة لغاية ما لقيتك يا حمود علشان خاطري بلاش تسبني أنا متعودة أن الكل يتخلى عني بس لو انت عملت كده قلبي مش هيستحمل يا حمود علشان خاطري متعملش فيا كده أنا محتجالك أوي...
كان يستمع لها بعيون دامعة تأثرا بها وبقلب يحثه أن يرق لها فنعم حتى هو اشتاق لبحر عيناها واشتاق لعفويتها و لمشاكسته اياها ومناغشتهم لبعض اشتاق لكل شيء يخصها ويعلم الله أنه لم يذق طعم الراحة في تلك الأيام العجاف دونها فكم كان يود أن يتخطى الأمر ولكن كيف وهو تعدى حدود منطقه ونطاق استيعابه ويخالف كل تلك القناعات الراسخة بعقله فحقا كان يشعر بالخزي من نفسه لإحزانها ولكن يصعب عليه الأمر وبشدة لذلك اعتذر
أنا آسف...إني سبب حالتك دي بس صدقيني مش عارف ...
اللي بيحب بيغفر
حتى لو غفرت عمري ما هقدر انسى يا ميرال
هتنسى هساعدك وهنبدأ من جديد وهنرمي القديم كله ورا ضهرنا...حمود انا اتغيرت والله اتغيرت علشانك ومعنديش استعداد اعيش من غيرك
احتل الحزن عينه البائسة وأجابها بنفاذ صبر وبقسوة لم تكن ابدا من طباعه كي يؤد تلك الرغبة التي تسيطر عليه وتدفعه بضړب تلك القناعات عرض الحائط والسماح لقلبه أن يرق لها
ميرال لو سمحتي كفاية أنت اتغيرتي لنفسك مش ليا ومتأكد انك هتتخطيني...انا مفرقش حاجة عن اللي عرفتيهم قبلي
قال آخر جملة بمرارة وبملامح مټألمة وصدى كلمات ذلك المقيت تتردد بعقله مما جعل عروقه تنفر وتتقلص معالم وجهه بإستياء شديد وقبل أن يحصل منها على رد لتهكمه الچارح لها كان يغادر بخطوات واسعة دون أن يلتفت خلفه
أما هي فكانت مشدوهة متجمدة بأرضها فقط دمعاتها تفر ټغرق وجهها تشعر أن مغادرته تلك ليست تخصه هو بل تخص روحها التي إنسلتت لتوها تلاحق خطواته.
مامي عايز ألعب بالجنينة...انا زهقان وشيري بتلعب لعب بنات بالعرايس بتاعتها ومش بتلعب معايا وطنط سعادخدت ولادها عند جدتهم وانا لوحدي
قالها شريف بنزق طفولي وهو يربع يده على صدره بضجر 
مما جعلها ترفع عيناها عن حاسوبها وتخبره
حبيبي البوابة بتاعة الجنينة مش بتتقفل واخاڤ عليك ألعب بالكورة هنا بس اوعى تكسر حاجة
نفى شريف برأسه واعترض
لأ مش بعرف علشان خاطري يا مامي والله الجو حلو اوي بره
وانا مش هخرج برة البوابة...علشان خاطري يا مامي وافقي...وافقي لو بتحبيني
تنهدت رهف بيأس من عناد ابنها وإلحاحه الشديد ثم وافقت بمضض
ماشي بس خد الداده معاك تاخد بالها منك وانا هقعد في البلكونة اخلص شغلي على اللاب وانا بتفرج عليك
م هرول يحضر طابته ويعلم المربية بالأمر لتبتسم وهي تنظر لأثره وتتنهد تنهيدة مثقلة بالكثير فا إلى الآن تحاول أن تمهد لأخبار أطفالها بقرار انفصالها وحقا ذلك الأمر ليس بيسير عليها.
هرول الصغير إلى الأسفل برفقة مربيته وهو في قمة سعادته
في تلك الأثناء كان هناك من يجلس بشرفة غرفته يتناول مشروبه الساخن المفضل وهو يشعر بالضجر من ذلك الهدوء المعتاد الذي يعم الأجواء إلى أن اتسعت بسمته وهو يرى ذلك الصغير يلعب بالطابة بسعادة عارمة وبخفة ومرونة ادهشته واستحوذت على كامل انتباهه فكان يتابعه بعينه وبسمة هادئة تعتلي وجهه
ولكن لم يستمر الأمر طويلا فقد علقت طابته على أحد الشجيرات العالية ومربيته يصعب عليها جلبها له ليترك كوبه على جدار الشرفة ويهرول للأسفل كي يجلبها له 
وما أن تدلى الدرج استمع لصوت والدته تصيح بأسمه هاتفة من شرفتها
شريف اطلع يا حبيبي وهشتريلك غيرها.
مط
الصغير فمه وهتف بعناد
بس انا بحب الكورة دي يا مامي ومش عايز غيرها
وحينها تدخل هو وطمئنه قائلا وهو ينحني بجذعه عليه بعدما وجده عابث وعلى حافة البكاء
متقلقش هجبهالك 
مط الصغير فمه وهز رأسه لينهض نضالويشب على أطراف حذائه و يحضرها له لتتهلل أسارير الصغير ويصيح بعلو صوته بسعادة عارمة لوالدته خاطف أنظار الواقف بجانبه يتبع مرمى بصره
مامي عمو جابلي الكورة انا فرحان اوي
تنهدت رهف بإرتياح لسعادة ابنها ثم بكل تحفظ هزت رأسها بامتنان له من موضعها ليهز رأسه ايضا
 

121  122  123 

انت في الصفحة 122 من 214 صفحات