رواية مكتملة بقلم ميرا كريم
وتوبخ بشدة من يحاول إقناعها بالأمر ولكن الأن لاتعلم ما اصاب لجام لسانها الذي نطق على غير عادته مترويا
هو محمد قالك ايه
اجابها بنظرات متحفظة وببسمة مريحة هادئة
قالي أنت صاحبة القرار
زاغت نظراتها بتوتر واطرقت برأسها ثم تهربت قائلة
انا هروح اشوفه فين علشان لازم نمشي الوقت اتأخر
شهد
جمدها بأرضها
فلا تعلم لم ارتجف بدنها حين نطق بأسمها مجرد دون ألقاب لتلتفت له بملامح متوترة حين استأنف برزانة وبنبرة هادئة
ابتلعت ريقها وتهربت بنظراتها متلعثمة
اللي فيه الخير يقدمه ربنا...عن اذنك
لتحين منه بسمة متفائلة ويدعو الله أن تكون من قسمته فمنذ الوهلة الاولى التي رأها تجسدت بها تلك السکينة و الانتماء والدفئ الذي طالما كان يفتقده في سنوات غربته.
طرقات على باب منزلها جعلتها تهرول تفتح الباب لتتفاجئ به أمامها ترددت لوهلة قبل أن تدعوه قائلة
انصاع لها ببسمة باهتة وإن فعل هرولو اطفاله له مهللين
بابي... وحشتنا
وانتو كمان يا ولاد
تعمدت ان تمنحه بعض الوقت معهم وجلست تباشر عملها على حاسوبها وبعد بعض الوقت
طلب هو منهم بأرهاق ظهر جلي على تقاسيم وجهه
معلش يا ولاد انا تعبان من الطريق ومحتاج اروح ارتاح
لتدخل هي
انصاعوا لها وقاموا بتركهم لتتسأل هي بأهتمام
يامن عامل ايه دلوقتي
اجابها وهو يحل اول زرار بقميصه
الحمد لله فاق وكلها كام يوم ويخرج من المستشفى
إن شاء الله هيبقى احسن وهيخرج بالسلامة متقلقش
هز رأسه يستبشر بحديثها ثم اخرج مفاتيح سيارتها قائلا
معلش مقدرتش ارجعهالك قبل كده مكنش ينفع اسيب خالتي انا حتى هرجع لهم تاني بس بعد ما اشوف الشغل
نفى برأسه وهب واقفا ينوي المغادرة
لأ ملوش لزوم...
انا همشي محتاج ارتاح
استنى
قالتها وهي تفرك بيدها ولا تعلم من اين تبدأ مما جعله يتأهب بأهتمام بالغ لحديثها وهو يظن انها ستعدل عن قرارها بينما هي
كادت تفاتحه بأمر مساعدتها له بشأن عمله ولكن منعه رنين هاتفه الذي صدح بألحاح عجيب جعله يضغط زر الألغاء و يزفر حانقا ثم يتسائل بترقب وبنبرة صدرت منه راجية
رد طيب على التليفون
قالتها بعدما تكرر رنين هاتفه ليجيب حانقا على الطرف الأخر
ألو خير
حسن مالك في ايه
ايه اللي حصل
الواحد والاربعون
وإذا أساء إليك حبيب فقل له إنني أغفر لك جنايتك على.. ولكن هل يسعني أن أغفر لك ما جنيته على نفسك بما فعلت هكذا يتكلم عظيم الحب لأنه يتعالى حتى عن المغفرة
فنعم رغم ما فعله بها إلا أنها لا تتمنى له السوء ابدا.
تعالى بكاء أطفالها ليطغو على عاصفة ذكرياتها لتضمهم وتحاول أن تجعلهم يكفوا عن البكاء ولكن بلا فائدة
ليغمغم شريف باكيا
بابي ھيموت يا مامي ويسبنا
لتعقب شيري ايضا وهي تنتفض مخټنقة بشهقاتها
مش هنشوفه تاني
تمزق قلبها حسرتا على أبنائها وواستهم متفائلة
هيبقى كويس هيبقى كويس بطلوا عياط
لم يكفوا عن بكائهم لترجهوهم هي باڼهيار بعدما كوبت وجهه تخفي هشاشتها وضعفها
كفاية كفاية متوجعوش قلبي اسكتوا
كان يقف في الزاوية البعيدة يطالع ما يحدث بعيون جامدة وبملامح ثابتة تخالف تلك الأعاصير الموجعة بداخله فقد تفاجئ بها وبصغارها داخل المشفى اثناء مداومته وشهد على خۏفها ولكن كعادته ألتزم بثباته الانفعالي وتقدم منهم ببسمة يجيد اقتناصها في أكثر اوقاته المحزنة ينحني أمام مقعدهم بجذعه ويقول للصغار محفزا
ابوكم هيبقى كويس متخافوش
نفى شريف برأسه و غمغمت شيري
لأ بابي هيسبنا على طول ومش هنشوفه تاني
أزاحت هي يدها وكشفت عن بهوتها وطالعته بنظرة حزينة ضائعة جعلته يزفر انفاسه يستجمع قواه ثم
جلس بجوار شيري و يربت على شعرها قائلا بنبرة حنونة مطمئنة وبكل بساطة كي يستوعب عقلها
هو مش انا دكتور و كشفت عليك وخفيتي بعدها
هزت الصغيرة رأسها ليستأنف هو
وزميلي دكتور زي وكشف عليه وبيطمنكم هيخف ويبقى كويس
بجد ياعمو
اه بجد انا مش هكذب عليكم
وبعدين مينفعش ابوكم يفوق ويلاقيكم بتعيطوا كده
هزت شيري رأسها وكفكفت دمعاتها ثم سكنت بين والدتها أما عن شريف فقد وقف مواجه له متسائلا
انت طيب يانضال ومش بتكدب عليا صح
ابتسم بسمة عابرة ثم جفف دمعات شريف بكف يده وأخبره محفزا
احنا اصحاب وانا مستحيل اكدب عليك اجمد وخلي ابوك لما يفوق يحس انه ساب بطل بجد
هز شريف رأسه باقتناع و جفف وجهه بطرف كمه قائلا
انت عندك حق انا مش هعيط علشان بابي يتبسط مني
طيب روح اغسل وشك في الحمام هناك في اخر الممر ده
هز رأسه واستأذن من رهف التي كانت تتناوب النظرات بينهم مشدوهة من امكانيته في إقناع وتهدئة ابنائها بعد فشلها لتسمح
له وإن ركض من أمامهم ضمت رأس شيري التي غفت على حجرها وسألته بعيون يتحجر الدمع بها
شكرا
لم يعير شكرها اهمية بل تسائل بأهتمام
ليه جبتيهم معاك مسبتهمش ليه مع كرملة
اجابته بملامح متهدلة
لما حسن وقع عقلي وقف ومكنتش عارفة اتصرف حتى معرفش اتصلت إزاي بالإسعاف
لترفع رماد عيناها له وتسأله
هو صحيح هيبقى كويس
تنهد وأجابها وهو ينزع نظارته الطبية ويمسد منحدر أنفه
اتعمل التحاليل والفحوصات اللازمة متقلقيش دي غيبوبة سكر عادية
ألقت سؤالها مستغربة
بس هو معندوش السكر
مش شرط السكر زي الضغط و ممكن يكون اتعرض لضغط عصبي خلي نسبة السكر تعلى في الډم
فعلا هو جاله مكالمة و تعب بعديها
هز رأسه وألتزم بثباته رغم تلك الأعاصير التي تعصف بدواخله لتستأنف هي
الولاد يقدروا يشوفوه
هو دلوقت بيتعمله اللازم وهستأذلك الدكتور اللي بيتابع حالته انكم تدخلوله
هزت رأسها وتنفست براحة اكبر جعلته يهب من جلسته ويتهرب قائلا قبل أن يفتضح امره
انا همر على المرضى مكتبي اخر اوضة على اليمين لو حبتي تقعدي الولاد فيها عقبال ما تطمني عليه معنديش مشكلة
هزت رأسها دون حديث ليتنهد ويواليها ظهره كي يغادر وكونه يعلم ترددها وتلك المسافة الأمنة التي تتعمد أن تكون بينهم ألتفت من جديد واضاف بأهتمام بالغ لم يستطيع أن يكبح ذاته عنه
انا هنا يا بشمهندسة ومش همشي من المستشفى و ارجوك لو احتجتي حاجة متتردديش
اومأت له ببسمة باهتة لم تمسس رماد عيناها ثم نكست رأسها تشرد من جديد ليزفر هو انفاسه ويغادر من أمامها وهو يلعن حظه العسر فكان يظن أنه على أعتاب أن يصارحها ولكن بعدما حدث أدرك أن ذلك ال حسن كان ومازال عائق يحيل بينه وبين امنيته البعيدة.
يا بخته اللي واخد عقلك
أطرقت برأسها ولملمت خصلاتها قائلة بخجل
يوه بقى يا بابي
بتحبيه اوي كده!
بحبك انت اكتر
يا اونطجية بتقوليلي كده علشان تهربي من السؤال
لا مش بهرب وبحبه بحبه اوي يا بابي انا مش عارفة كنت عايشة من غيره ازاي انا كنت ضايعة قبل ما اعرفه.
ليتمتم هو نادما
سامحيني يا بنتي وحقك عليا انا جيت عليك كتير وكنت فاكر إني بحافظ عليك
خلاص يا بابي اللي فات ماټ على رأي شهد وانا نسيت وفرحانة اوي أننا قربنا من بعض وبقيت جنبي علطول ومش بتسافر
تنهد بضيق ثم استرسل بندم
انا معنديش في الدنيا اغلى منك وكنت بحفر في الصخر علشان أأمنلك مستقبلك بس بعد اللي حصل اكتشفت أن الفلوس