رواية مكتملة بقلم الكاتبه مني احمد حافظ
تلزم الصمت تتحرك بآلية بلا حياة تعد الطعام وتنظف المنزل وتعود إلى غرفتها تفكر بما استقر عليه رأيها فمنذ ذاك اليوم وبعد مغادرة فهمي وهي تعلم أن حياتهما سويا انتهت ولكن عليها أخبار أبنائها كي لا يلوما عليها قرارها وهكذا رتبت صافية ما عليها فعله وهاتفت ابنتها وطلبت رؤيتها كما أخبرت ابنها بالبقاء لحاجتها إليه وحين حانت اللحظة الحاسمة قصت عليهما ما حدث بعيون دامعة وجلست بقلب يرجف ينشد الاهتمام والحب تنتظر سماع رأيهم لتصدمها لا مبالاة ابنتها التي تركت مقعدها ووقفت تحدق بها بتذمر وأردفت
لم تصدق صافية ما تفوهت ابنتها به وحدقت بها بعيون آسفة حين أضافت ريتاچ
.. ماما من غير زعل أنا عايزة أسألك وتجاوبيني بصراحة هو هيفرق إيه معاك إن كان بابا أتجوز ولا متجوزش يعني أنا شايفة أنه ميفرقش لأنك كده كده بعيدة عن بابا خصوصا من بعد ما جالك السكر وبقيتي تنامي فأوضة لوحدك ومبقتيش قادرة تديله حقه واسمحي لي يعني بابا فالأول والآخر راجل ومحتاج لواحدة ست فحياته تديله حقه الشرعي ولا أنت عايزاه يحرم نفسه ويترهبن علشان أنت بقيتي مريضة ومش بتقدري فلو حضرتك بتفكري بالمنطق دا يبقى كل اللي عليك أنك تراجعي نفسك وتبطلي أنانية والأهم تبطلي تتهميه أنه خانك ورماك ودور على نفسه.
زم سيف شفتيه فهو يعلم منذ فترة بزواج والده وأخفى عليها كي لا يتسبب بخلق أزمة بينها وبين والده ونأى بنفسه بعيدا فحياة والديه لا تهمه فما يهمه هو مرتبه الشهري الذي يضاعفه له والده بين الحين والآخر فزفر بتملل وأدار عينيه بعيدا عن عيني والدته المترقبة له وأردف
وقفت صافية تحدق بوجهي أبنائها بحسرة لخذلهما لها وودت لو كان بإمكانها إعادة عقارب الزمن إلى الخلف لكانت عادت إلى الماضي ورفضت باستماتة الزواج من فهمي حتى وإن دفعت حياتها الثمن وقټلها عمها فلا شيء أبدا سيعوض إحساسها بالأسى حيال خسارتها لأبنائها ورؤيتها لهما كغريبين تماما عنها فهزت رأسها بخزي وولتهما ظهرها واتجهت إلى غرفتها تجر أذيال خيبتها وأوصدت بابها خلفها واستندت إليه مغمضة العين في حين وقفت ريتاچ تتبادل النظرات مع شقيقها ليمطا شفاههم باستنكار ظنا منهما أن والدتهما تعطي للأمر حجما أكبر مما يستحق وغادرا سويا وكأن تلك المرأة التي وقفت تستجدي منهما الاهتمام لا تمت لهما بصلة.
ازدردت صافية تلك الغصة المريرة التي توسطت حلقها ولفت ذراعيها واحتضنت جسدها لتوقف ارتجافها وغادرت غرفتها بعدما أحستها تضيق عليها وتكتم أنفاسها ووقفت تحدق بهاتفها الملقى فوق الأريكة بإهمال فتحركت بآلية نحوه والتقطته محدقة به وزفرت بقوة وضغطت رقم زوجها وهي تدرك أنها تهاتفه للمرة الأخيرة.
قرأ فهمي اسم صافية على شاشة هاتفه واستدار بوجهه نحو حنين