الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية مكتملة بقلم ميرا كريم

انت في الصفحة 164 من 214 صفحات

موقع أيام نيوز


يده وكانت تستمع له بهدوء مريب استغربه كثيرا بعدما هدأت شهقاتها وتوقفت عن البكاء فظن أنها تفهمته واقتنعت بأسبابه ولكن هي كعادتها خيبت كافة أماله وفاجأته حين قهقهت پجنون وبكامل صوتها بين يديه ودفعته عن جسدها وهي تتعمد أن تذيقه مر ما أذاقها فقد هبت واقفة وابتعدت عنه راشقة أياه بعيون دامية وبنظرات مستنفرة بعدما أزاحت بأناملها دمعاتها عن وجهها قائلة بنبرة قوية لا تضاهي اڼهيارها وضعفها السابق

نرجع... وننسى...أنا مش هرجع معاك ولا هتحرك من هنا أنت عمرك ما اهتميت بأسبابي وانا كمان ميهمنيش اسبابك ومفيش حاجة في الدنيا هتقدر تنسيني اللي عملته فيا
ذلك آخر ما تفوهت به تاركته يقف مشدوها بملامح واجمة وعيون حزينة نادمة ينظر لآثارها.
استغلت تواجد ابنائها بالمدرسة وذهبت لشراء احتياجاتها من الطعام بأحد المجمعات التجارية الضخمة وأثناء سيرها ودفعها لعربة المشتريات لمحت تلك السيدة العطوف تقترب منها وتقول بود
ازيك يا بنتي
ابتسمت رهف وردت بأدب
الحمد لله يا طنط
والولاد عاملين ايه
كويسين الحمد لله...حضرتك صحتك عاملة ايه
الحمد لله نحمد ربنا
أومات رهف ببسمة هادئة وقالت وهي تسير برفقتها تستأنف لملمت ما يناسبها
ربنا يديك الصحة ياطنط مبسوطة إني شوفتك
اجابتها كريمة ببسمة بشوشة مستفيضة بكل اريحية
انا اللي حظي حلو النهاردة إني شوفتك بصراحة كنت زهقانة وقولت انزل امشي رجلي أصل مش بالعادة اجيب الطلبات دايما نضال اللي بيجبها
وبصراحة قولت اشيل عنه
تنهدت بضيق عند ذكره وتذكرت حديثه الصائب الذي اخجلها من ذاتها..لتبتسم بمجاملة كي تمرر الأمر وباشرت انتقاء مشترياتها بعناية ادهشت كريمة وجعلتها تتساءل
بسم الله ما شاء الله عليك يا بنتي دقيقة اوي في اختياراتك شكلك ست بيت شاطرة
اجابتها رهف
اكيد يا طنط مش عندي اطفال وبصراحة مش بحب استسهل واجيب الأكل الجاهز من برة
وبتلاقي وقت تطبخي يا بنتي ليه مش بتخلي البنت اللي بتساعدك تطبخ هي
هزت رهف رأسها بنفي واجابتها بعفوية وبشيء من التحفظ مازالت متمسكة به
انا اتعودت انا اللي اعمل كل حاجة لولادي وعلشان كده بطبخ من بليل
لتبتسم كريمة بأعجاب قائلة 
جدعة يا بنتي ....ربنا يقويك على ولادك ويجبر بخاطرك
تنهدت رهف وقالت بإمتنان لتلك السيدة العطوف وهم في طريقهم لدفع قيمة مشترياتهم والخروج 
كنت محتجاها جدا الدعوة دي مرسي اوي يا طنط
شكلهم تعبينك مش كده
هما تعبني بس على قلبي زي العسل أنا مليش غيرهم وعايشة علشانهم
ربنا يحفظهملك...
أمنت رهف على دعواتها واقترحت بود وهم بطريقهم للخارج
لو حضرتك معكيش عربية تعالي اوصلك معايا
لو هتوصليني يبقى انا عندي طلب ونفسي متكسفنيش
تحت امرك يا طنط 
هاتي
الولاد وتعالوا اتعشوا معايا
زاغت نظرات رهف وحاولت التملص من طلبها قائلة بحرج وبتهرب من السبب الحقيقي لرفضها
مش عايزه اتعب حضرتك
و...
نضال مش في البيت عنده نبطشية وهيرجع الصبح وانا مش بحب أأكل لوحدي ونفسي متكسفنيش أنت كنت وعداني بزيارة من زمان
اصابها احراج شديد من إصرارها لا والأنكى أن تلك السيدة تفهمت ما يدور برأسها ومنحتها اجابات وافية دون سؤال منها وذلك الشيء اشعرها لسبب ما بالراحة فما كان منها غير أن توافق وتنصاع لرغبتها.
جلس وحيد بغرفة مكتبه يطالع كومة الأوراق التي أمامه بنظرات خاوية فاقدة للشغف فمنذ حديث ابنته له وتركها له وهو يؤنب ذاته على حصاده الحقيقي الذي لم يثمر عن شيء سوى تلك الثروة الهائلة التي ظل يجمع بها طيلة حياته من أجلها وهو يظن أنه بذلك يمنحها ويؤمن لها كل سبل الحياة فقد اكتشف اخيرا أنه كان مقصر بتربيتها و أن أولوياته السامية بغير محلها فياليته زرع شيء آخر كان حصاده أنفع من تلك الوحدة الموحشة التي أصبحت تحاوطه الآن ولطالما كان يتخوف منها. 
تأمرني بحاجة يا بيه.
انتشله من شروده وحالة الجمود التي أصبحت تتلبسه صوت الخادمة الوحيدة التابعة ل دعاء وقد ابقتها في القصر بحجة أنها تثق بها ثقة عمياء
تحمحم هو يزيح البؤس من صوته وأجابها
لأ...تقدري تمشي
لتعقب الخادمة مدعية أسفها
على عيني يابيه بس أمي بعافية ولازم أبيت الليلة معاها إن شاء الله الصبح بدري هبقى هنا
هز رأسه بلا مبالاة لتضيف هي
الست دعاء بتبلغك انها اختارت طقم خدم جديد للقصر وهيبدأو شغل من بكرة. 
لتمصمص فمها وتثرثر بنفاق
والله الست دعاء دي ست الستات وبتحبك يا بيه دي ناعية همك حتى وهي بعيد دي كل نص ساعة تتصل بيا تسألني عليك وقلقانة على جنابك
تأفف فاضل بضجر
خلاص...مش عايز كلام كتير واتفضلي بقى متوجعيش دماغي اكتر من كده
لوت الخادمة فمها وردت بطاعة
حاضر يا بيه انا هتوكل على الله
لوح فاضل بلامبالاه لتغادر الخادمة وتقوم بمهاتفة دعاء تخبرها أن هيئت كل شيء كما خططوا لتحقيق مكيدتهم الغادرة.
كانت مرتبكة في بادئة الأمر فهي لم تعتاد بسنوات زواجها على الأختلاط بأحد ولذلك كانت اعصابها مشدوده تتحدث بتحفظ وأقتضاب شديد ولكن عندما مر بعض الوقت وعندما استشعرت طيبة كريمة وعدم تكلفها معها ارتخت اعصابها وتعاملت بإريحية أكثر وخاصة عندما اخبرتها انها كانت على معرفة وطيدة بزوجة عمها بحكم جيرتهم وحتى انها
 

163  164  165 

انت في الصفحة 164 من 214 صفحات