رواية مكتملة بقلم نورهان السيد
هدأ ونام .
هز رأسه بتفهم وقال
كيف حالك انت !
خرجت من الغرفة عند نيار وذهبت لغرفتها .. لم تستطع كبح دموعها وهي تجيبه
بخير .. لا تقلق أنا أبكي فقط من اشتياقي لأمي .
تنهد پألم وقال وهو يحاول امدادها بالأمان
لا عليك غدير .. ادعي لها وستسمعك .
اعتصرت عيناها بقوة من كذبتها فقالت منهية الحديث
أجابته وهو يدلك جبينه من كثرة ما يحاوطه من أحداث
بعد غد لو قدر الله ذلك .
هزت رأسها وقالت
أنتظرك .
وكأن لكلمتها تلك أثر سحري يداوي ألمه فابتسم تلقائيا ثم وضع الهاتف بجيبه مرة آخري ودلف لهما .
جالسة علي سريرها تبكي من ما قصه لها .. الي الآن لا تستوعب أنه السبب في قتل أبيها ووالدتها .. غفت من كثرة الدموع التي ذرفتها واستيقظت بعد ساعتين .. استجمعت قواها وخرجت من غرفتها لتجده نازفا أمام غرفتها .. اقتربت منه مسرعة فوجدت جسده يضخ حرارة .. ابتلعت ما حدث في جوفها وهزته لمساعدتها للوقوف .. شعر بها ولكن كان واهنا لحد مكروه فلم يستطيع التفوه ببنس كلمة .. تحامل علي نفسه حتي دخلت به ووضعته علي سريره الذي تلطخ بأثر
ألم أقل لك لا تتحرك من مكانك طيلة هذا الأسبوع .. !!
نظر لها بضعف وملامحها تشوهت لضعف وضوح الصور أمامه .. وضع يده علي كف يدها وقال
بصعوبة
غدير أرجوك لا تتركيني مرة أخري .
نظرت له بعيون لامعة ولكنها أشاحت نظرها عنه فجأه وسحبت كف يدها بعيدا عنه وقالت له بجمود
أغمض عينيه بتعب حتي نام وهي تقوم بعملها .. لم تسمع تأوها واحدا منه كأنه غاب عن العالم وعنها .. انتهت فوجدت دموعها تهبط تلقائيا وقلبها يعلن العصيان .. نظرت له بقسۏة قبل أن تخرج من غرفته متجهه لغرفتها وأغلقت الباب خلفها بالمفتاح الذي لا نفع منه في حالته .. بعد مهاتفة عمرو لها شعرت بأنها وحيدة ليس لها أحد .. ارتدت حجابها وخرجت من المنزل بأكمله تستنشق هواء غير الذي يحيط بهما .. ظلت تسير وتسير غير آبية بحفظ طريق العودة .. كأن عقلها لم يرد العودة له وفضل تركه خلفها حتي لا يسبب لها المزيد من الألم بعد الآن .. وجدت محال كثيرة ومن ضمنهم محل فطير مشلتت كما تعرفه .. صړخت بطنها جائعة للحد المكروه فدخلت وجلست .. طلبت ما استساغته نفسها وبدأت بالتناول وطعم المرارة يغزو حلقها .. مسكت دموعها بصعوبة حتي لا تثير شكوك من حولها .. انتهت سريعا ودفعت بعض الوريقات المالية ثم غادرت وأكملت السير قليلا حتي تعبتها قدميها .. نظرت في ساعة الهاتف فوجدتها تعدت الثامنة مساء .. جلست تستريح قليلا ولم تأبه إلا لصوت صراصير الحقول من حولها كأنهم المؤنس الوحيد لها الآن .
بالفعل بعد دقائق كان يجاورها في الشارع وظلا يسيرا لمسافات طويلة بدون تعب ويلتقطان الصور لبعضهما بسعادة .. جلسا بعد مضي ساعتان من السير وتناول الأطعمة السريعة ينظران للمارين والابتسامة لا تفارق محياهما .. نظرت له وقالت
ضحك ملء فاهه وقال
بالطبع كيف أنسي شراهتنا في الأكل حينها .. لا أعلم كيف تحملتك رفيقتك طيلة هذه المدة .. لكن أعجبني التحدي في النهاية وفزت عليك .. من يومها علمت أنك تفضلين الأكل عن أي شىء أخر .
ابتسمت بقصر وقالت وهي تهز قدميها في الهواء
لو علمت كيف كنت أعيش بمفردي لأدركت أن الطعام لم يكن إلا صديقي الصدوق .. بعد مغادرة والدتي لي وأنا صغيرة لم أعرف طعم كيف يكون حنان الأم .. لا أنكر أن والدة عمرو حنونة إلي حد ما .. لكني استشعرت النقص في حياتي .. أبي بعدما تركني هو الآخر ترك كل شيء لعمي .. كل شيء حدث لي كان عمرو شاهدا عليه .. لم يستحملني غيره في هذه
الحياة .. حين أدركت أني وقعت في حبك