رواية مكتملة بقلم نورهان السيد

بحنين 
شعرت بأنى أريد أن أحدثك وروحها حولنا .. كم اشتقت لوالدتك ولجلسات الماضى .
قال فى نفسه بعدما تنهد مطولا 
اشتقت لها أنا الآخر .. إلى حد مكروه !!
مرت الثلاث أيام المنتظرة على خير .. والأفضل لها أن توفيق لم يحدثها بأمر وصية أبيها مرة أخرى .. جلست بجانب والداتها وتداعب أصابعها بحنو حتى فتحت عيناها فشعرت غدير أن الشمس قد أشرقت اليوم وضړبت أشعتها أضلعها فجعلتها تعود للتنفس بحرية ثانية 
كيف حالك أملي الآن .. هل يعجبك القلق الذي لازمني طوال الثلاث أيام الماضية !!
مسحت بأصابعها على صفيحة وجهها ومسددت على رأسها كأنها تتشرب ملامحها .. قالت فى وضوح 
أعتذر حبيبتي .. غدير لا تكذبي علي ماذا قال لك الطبيب الفترة السابقة !
ابتلعت غدير ماء جوفها لعله ينقذها ألا تختنق .. أجابتها بمهارة كاذبة 
أنت بأفضل حال أملي .. سيصدر إذن الخروج اليوم وسنذهب للمنزل ونسهر كالعادة نأكل الفشار .
التقطت كفها على حين غفلة من غدير وقالت بقوة على حسب قدرتها 
أنت تكذبين غدير .. إن كڈب الطبيب فلا ېكذب احساسي أبدا .. أخبريني الآن كيف ستعيشين بمفردك!
لا تقولي هذا أرجوك .. ستحضرين حفل تخرجي وسأتزوج من تريديه أنت وستشاهدي أحفادك ينادوك جدتى .. أنت بخير .. بخير .
أخذت تمسد بيدها المغروز فيها الابرة التى تساعدها على وصول المحلول لډمها وقالت 
لا عليك حبيبتي .. المۏت علينا حق .. ستنسي وستمضي أيامك القادمة .
قاطع حديثهما المرهق لأنفاسهما دخول توفيق يلقي السلام عليهما وقال مبتسما 
شفاك الله أمل .. عودا حميدا .
شكرته بإرهاق ودخل من جاء معه فقال مقدما إياه 
هذا عمرو ابني .. أراد أن يزورك ويطمئن على 
حالك .
وقفت غدير ونظرت له فى دهشة وعلمت أن لا مفر من أن كذبتها أمامه ستظهر بوضوح !!!
عايزة رأيكم بقى في الفصل ده 
يتبع 
نورهان_السيد
الفصل الثاني 
كالطائرة الورقية فما إن تعلو فى السماء يشعر صاحبها بأنه يملك الكون بطائرته تلك .. يتحكم فيها كتحكمه بأعصابه وقدراته على فعلها .. وفى النهاية ينتصر لما تحلق أمامه فى هدوء فيبتسم وتعلو الضحكة وتنتشر متعة التحقيق .. هكذا هو حال البشر مثل الطائرة كليا تحلق وتحلق في الهواء فتبدو وكأنها حرة وتتغاضي عن كونها مملوكة لآخر .. !!
ابتسامته الواسعة حين وصل لأرض الخارج لا تقدر بثمن انتصاره وسفره للخارج .. لا يهمه ما نوايا والده فيما يفعله ولا يهمه شئ إلا أنه أصبح حرا ولو لبعض من الوقت .. سحب حقيبته التى تحوي ما يكفيه لشهر ونصف على قول والده .. سيتسغرق زواجه هذا الحد الأدنى وما باله بأن يتزوج أخاه الآن ولو بعد حين فلينعم بمرأه ولينسي الجميع .. سار يستنشق هواء مدينة موسكو فى تنعم واضح .. وبعد دقائق وصل لمسعاه .. منزل أخيه المبعثر أشيائه فى كل ركن .. هكذا أعتاد منه ولم تغيره الغربة كما اعتقد هو .. دخل لغرفته وأشاح الملابس الموضوعة على السرير باشمئزاز وألقى جسده يستريح من عناء السفر .
بينما فى ظل منحنى آخر وقفت ترمق توفيق فى نزق وضيق .. اقترب عمرو من والدتها وألقي عليها التحية بإبتسامة مشرقة بعدما قبل يدها داعيا لها بالشفاء العاجل .. ابتسمت له فى وهن .. ومن ثم ألقت نظرة على ابنتها التي أصبحت ملامح وجهها جامدة .. 
مشتتة .. فهمتها غدير من نظرة عيناها فاستأذنت مترجلة للخارج لإحضار شئ تتناوله .. جلس توفيق على الأريكة أمام أمل ووجه حديثه لها  
الطبيب أخبرني لتوه بميعاد العملية ستكون يوم الأحد القادم .
انكمشت ملامحها فى فتور وقالت 
إنه يوم حفلة تخرج غدير .. كيف يمكنني أن أعكر عليها صفو هذا اليوم .. هل علمت أم لا !
رمق توفيق عمرو بأن يخرج خلسة فاستأذن هو قائلا بإحترام 
أستأذنك خالتي فلقد وصلت لتوي من السفر وأحببت أن أطمئن عليك قبل ذهابي للمنزل .. ستكونين بخير إن شاء الله .
خرج بعدها وتركهما بمفردهما فقال توفيق مؤنبا إياها 
علمت .. ويبدو أنها رافضة .. لم جعلتيني أقول لها أن زواجها من عمرو وصية من أبيها .. قد قالت لي أنه ثم شخص فى حياتها .
هزت أمل رأسها رفضا لحديثه ووضحت له الأمور قائلة 
ليس هناك أحد .. إنها دائما ما تفعل هذا حتي لا تتزوج .. أنت تعلم أن نسبة النجاح للعملية ضعيفة .. لكنى سأعافر لأجلها .. أرجوك توفيق لا تقل لها شيئا عن حديثنا ذلك .. اجعل عمرو يحافظ عليها فلا أحد سواكما فى حياتها إن توفاني الله .
تنهد توفيق وأشار برأسه بينما فى الخارج وجدها جالسة فى كافيتريا المشفي تشرب فنجان من القهوة .. استأذن منها بإبتسامة بسيطة ليجلس معها فأشارت برأسها على الموافقة .. بدأ حديثه مطمئنا 
رأيتك مرة قبل دخولك الجامعة .. هل تتذكرين