رواية مكتملة بقلم نورهان السيد

والدك لا تخيب طيلة عمره .
أماءت برأسها بعدما تجمدت ملامحها فالقلق الدائم على والدتها جعلها تزهد الدنيا وما فيها .. وهذا ما لا تريده أملها .
هبطا للأسفل وكانت غدير تتجنب أن تلمح عمرو .. ولكنه لم يتركها بشأنها حينما هبط من السيارة وفتح باب السيارة الخلفي لها ولأمل .. رمقها مبتسما فبادلته إياها على مضض .. لا تنكر أنه يحترمها ورغما عنها بعد خروجها معه بعد مغادرة والدتها من المشفى لتتعرف عليه .. تنهدت بعد جلوسها وظلت تنظر للخارج طوال الطريق .. حب دام لتسع سنوات ونهايته كتبها القدر بعد ظهوره للنور بثلاث سنوات .. لم تراه بعدها ولم تلمح طيفه في حياتها مرة أخري .. هامت فى ذكراها حينما كانت بعمر الزهور .. السادسة 
عشر .. كانت تنتظر يوم الجمعة كل أسبوع فى تمام الساعة العاشرة صباحا .. تقف أمام مرآتها ترمق نفسها بإعجاب .. ارتدت حقيبة ظهرها المفضلة وهبطت للذهاب إلى درس اللغة الانجليزية الذي أصبح مفضلا لها بوجوده .. وكأي فتاة في عمر المراهقة ذات القلب المتلهف لإشباعه بالحب ونظرات الاعجاب .. كانت محظوظة على رأي زميلاتها أنها وجدت من يعجب بها .. رغم أنها انتقلت من مسكنها الذى كان فى الشارع الخلفي لمنزله .. وكان طريقها لحصتها تبلغ ساعة ونصف وبكل راحة كانت تتلقي صعابهما .. أكثر ما كان يعجبها به أنه لا يحدثها .. لا يهاتفها كما تري الفتيات فى مثل عمرها يفعلن .. نظرات بريئة بينهما تكفي لإشعال حب المراهقة .. لم تجد أى حنان من والدها كما تري أصدقائها يخبرونها بحضن أبوي يغمرهم بعد شقاء يوم مرير .. يعزز ثقتهم بنفسهم ويملؤ فراغ قلوبهم .. كم تمنت مثل هذا ولم تلقاه .. فبرجوع والدها يلقي السلام ويختفي عنهم باقى اليوم وكأنه غير موجود كفرد أسري معهم .. كانت تنتظر وقت الغداء الوحيد الذى يجتمع به معهم وحتى هذا الوقت كان صامتا لا يشاركها هى ووالدتها الأحاديث.. والشئ الوحيد الذي يفعله أنه يؤدبها عندما تقترف خطأ .. تخفي فى زوبعتها ما يزيد ولم تقص حتى اعتادت الكتمان الذي ېحرق قلبها .. وكأي أم تربت فى زمن ليس بزمن ابنتها .. كأن سن المراهقة هذا ذنب عليها .. فلم تسألها ما يزعجها يوما ما .. تهتم بالبيت وبالأعمال المنزلية وفقط .. عندما وجدت الحب بخارج المنزل لم تحكي لأحد وظلت تخفيه بداخلها لسنوات بعد اختفاء أملها فى استمرار هذا الحب الذي كانت تقنع نفسها بعدما دخلت الجامعة أنه اعتياد لا أكثر وكانت كذبتها تلك تجدي نفعا لا بأس به .. !!
أخرجها من براثين الماضي قول عمرو لها عند وصولهم 
غدير .. لقد وصلنا .
هبطت من السيارة ونظرت حولها فرأت أصدقائها يقمن بالتصوير لتضاف لذكرياتهم .. أشارت لها والدتها بأن تذهب فابتسمت بطفولة ويا كأنها كانت تنتظر لحظة فرحة رغم ما تخبئ ورائها فراق من نوع
آخر .. سار توفيق وأمل وبجوارها عمرو الذى يلتقط كفها بيده لداخل القاعة .. بعد دقائق تم دخول الطالبات فقط نسبة إلى أنها تنتسب فى تعليمها للأزهر الشريف .. وجاء اسمها فقامت من جانب صديقتها المقربة بحماس ونشاط ليس بغريب عنها .. صعدت المسرح والجميع يصفق فى جو من السعادة المشعة التي تحملها جميع أوجه الموجودين .. استلمت بروازها الذي يحمل إسمها ولم تنتظر لثانية إلا وقد هبطت لموضع والدتها .. والدموع تنساب من عينيهما فى موقف مؤثر لجميع الحاضرين .. شعرت أمل بنغزة في قلبها فأخفتها بمهارة . فقال عمرو بإبتسامة  
غدير .. هل تقبلين الزواج بي !
جحظت عيناها فى صدمة جلية فضغطت والدتها على كفها .. جذت على أسنانها وقالت بعدها بصعوبة وهي تنظر لوالدتها وتمنع دمعتها من الهبوط  
موافقة .
تقدم منها عمرو ليلبسها دبلتها التي لم تعلم متى ابتاعها لكنها تصمت وهل لها غير ذلك فى حالتها تلك .. !!
الټفت حولها صديقاتها يباركن لها فى شجن فابتسمت بضعف وسايرت الجميع .. بعد مغادرتهم وانتهاء الحفلة ذهبوا جميعا إلى مطعم لتناول طعام الغداء كما اتفق توفيق مع أمل ليجلس العرسان بمفردهما .. صبرت غدير حتى انتهى اليوم وعادا للمنزل ففاجأتها أمل بقولها 
علي أن أجري عمليه بالغد .
شهقت غدير وامتلئت عيناها بالدموع فجلست واضعة رأسها على ركبتى أمل وقالت  
ستكوني بخير من أجلي أليس كذلك أمي .. لم دائما تخفي علي أهم الأمور فى حياتك .
مسدت أمل على رأسها بحنان وقالت  
كل القادم من الله خير حبيبتي .
بقت تلك الليلة قابعة بجانبها .. تصلي وتدعو لها بنجاح عمليتها .. جاء الصباح فشعرت بأن قلبها بدأ ينتفض داخل قفصها الصغير .. بعد دقائق سمعت صوت جرس منزلها .. ارتدت حجابها وفتحته فكانت تعلم بمجئ عمرو معهما .. قالت فى نفسها پألم